استقرت عيونها على تلك الأصابع الرشيقة وهي تتنقل بسلاسة على لوحة المفاتيح، التقت نظراتهما لبرهة، بادلته الابتسام وركزت بصرها على كومة الأوراق أمامها، وسبحت بأفكارها بعيدا...
- أفتقدها..
تطلعت إليه بنظرة متسائلة...
- أفتقدها..
أشاحت بوجهها بعيدا للحظات، التفتت بعد أن طال سكوته..
- كيف كانت..
- طائشة، مخترقة، كانت ساحرة لكن..
نظرت إليه تستحثه ليحكي المزيد...
- كأن شيئا فيها انطفأ..أصبحت باردة، جافة..
- لهذه الدرجة تغيرت ؟؟
أطفأ سيجارته..ووقف يتأمل عصفورا على غصن شجرة..
- هل ترين هذا العصفور ؟؟..
وقفت إلى جانبه باستغراب، دون أن تنطق بحرف..
- هكذا أحسها..
حلق بعيدا، ولم يترك خلفه أي أثر، وكأنه ما كان للحظات هنا..
نظر إليها بابتسامة منكسرة، وهو يشير ناحية العصفور..
عادت أدراجها، وانزوت في مقعدها، ساد بينهم صمت رهيب للحظات..
- هل تخفين عني شيئا..
- أبدا..
جالت عيونه بملامحها الصغيرة، نظراتها شاخصة، حائرة، كأنها هائمة بلا مأوى ولا ملجأ لها..
- هل تعلمين..
سكت لبرهة وكأنه يحاول استجماع شتات أفكاره..
- فعلا أشتاق إليها، أحن إلى وجودها دائما، وجودها أصبح غريبا، كأن كل الأمور عندها أصبحت سيان، وأخاف من يوم تمحوني من حياتها بجرة قلم..
أزاحت الأوراق من أمامها، وحملت حقيبتها..
- ربما مازلت كما عهدتها دائما، فقط نظرتك إليها قد تغيرت..
وانسحبت مغادرة..